أطفال تلعب وتلهو على الرمال، سائحون وتونسيون يسبحون في مياه المتوسط بمدينة سوسة التونسية، وأخرون يستلقون ويجلسون على الشاطئ للاستمتاع بشمس الصباح، ويقضون عطلة نهاية الأسبوع.
وافد جديد يصل الشاطئ مرتديا ملابس البحر التقليدية ويحمل شمسية، لم يلتفت إليه أحد كون مظهره عاديا، ولكنه لم يكن وافد عادي فأسفل الشمسية يوجد سلاح آلي من النوع كلاشينكوف وقنابل يدوية يخرج الرجل سلاحه ويفتح النار بعشوائية على الشاطئ.
صراخ وفزع وهلع وذعر، كلٌ يحاول النجاة بنفسه، سائح يحاول الاحتماء بكرسيه وأخر يفكر بالفرار فيصطدم بجثة على الأرض أو بطفلة مصابة، والرصاص لا يفرق بين بشرأو نبات أو جماد.
يدخل المهاجم إلى داخل الفندق مستمرا في إطلاق النار أثناء مروره على حمام السباحة ويسقط ضحاياه واحده تلو الأخر، وعند مغادرته الفندق تم القضاء عليه من قبل قوات الأمن.
39 شخصا سقطوا قتلى وأصيب 40 آخرين أغلبهم سياح من جنسيات مختلفة بينهم بريطانيون، وألمان، وبلجيكيون وهو العدد الأكبر الذي يسقط غي تونس جراء عملية إرهابية – بحسب وزارة الصحة.
تنظيم "داعش" أعلن مسؤوليته عن العملية الإرهابية، وقال عبر بيان نشره على حسابه على تويتر، الجمعة، إن منفذ الهجوم، المدعو "أبو يحيى القيرواني" تمكن رغم الإجراءات الأمنية المشددة من التسلل إلى شاطئ فندق إمبريال واستهدف سياح من دول التحالف الدولي التي تقاتل ضده.
لم يكن اختيار تنظيم داعش مدينة سوسة لتنفيذ عمليته الإرهابية عشوائيا.. إذا فلماذا سوسة تحديدًا؟
أكثر من 1.5 مليون سائح يرتادون مدينة سوسة سنويا لمناخها المعتدل الذي يشجع علي جميع أنواع الترفيه ما يجعل المدينة قبلة للسياح في جميع فصول السنة.
وتعتبر سوسة أو كما يطلق عليها "جوهرة الساحل" من أجمل المدن التونسية، حيث تمتد على طول حوالي 170 كيلومتر وعرض 25 كيلومتر، وتبعد بعد 160 كيلومتر جنوب شرق العاصمة.
سوسة أسسها الفينيقيون وأطلقوا عليها اسم "حضرموت"، وتمتعت باستقلاليتها حتى القرن السادس قبل الميلاد، وبعد الحرب البونية أصبحت سوسة مستعمرة في عهد تراجان، وبعد مرور قرن من ذلك التاريخ تعرضت المدينة لهجمات الرومان، وبعدها استعادت سوسة مكانتها من جديد ليستمر مجدها حتي في عصر البيزنطيين ومن بعدهم الفتح الإسلامي.
تتميز سوسة بجمال موقعها علي ساحل البحر المتوسط، وهي تنقسم إلى جزئين، الحي القديم الذي يحيط به السور ويقع في "الرباط الشهير" وبه أغلب الآثار العربية والرومانية القديمة، وبه الجامع الكبير، كما يتميز بالأسواق القديمة التي تباع فيها المصنوعات التقليدية مثل الزرابي والمصنوعات الخشبية والنحاسية، والجزء الثاني منها يمتد بطول خمسة كيلو مترات علي الساحل ويتميز بمبانيه الحديثة، وهي في الغالب فنادق سياحية ولكل فندق منها شاطئه الخاص، إضافة إلي حمامات السباحة والملاعب والملاهي الليلية التي يقدم فيها الفولكلور الشعبي كذلك الحدائق الجميلة، وتتميز فنادقها بالأشكال الهندسية العربية.
وتضم سوسة عشرات الفنادق والمطاعم والمحلات الترفيهية التي يتواصل نشاطها ليل نهار، فهي المدينة التي لا تنام وهي قبلة العائلات، حيث تضم عشرات الفنادق من فئتي أربع وخمس نجوم ويتوسطها ميناء ترفيهي يستقبل عشرات اليخوت والسفن الخاصة. ويستقطب الميناء أعداداً كبيرة من الزوار الذين يجولون على المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي ويستمتعون برؤية البحر والسياح من جميع أنحاء العالم.
"كارثة وضربة كبيرة للاقتصاد والسياحة".. هكذا علقت وزيرة السياحة التونسية سلمى الرقيق على الهجوم الإرهابي الذي وقع في فندق بمدينة سوسة، حيث تعد السياحة أحد أعمدة الاقتصاد التونسي إذ تشغل 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وتساهم بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي وتدر ما بين 18% و20% من إيرادات تونس السنوية من العملات الأجنبية.
0 Komentar untuk "سوسة.. "جوهرة الساحل" التي لطخها داعش بدماء الأبرياء"